ارتبطت كلمة التكريس فى ذهني بتكليف صعب ومسئولية كبيرة، وكأنها تُحمّلني ثقلاً لا أستطيع حمله، لهذ أردت وأنا بصدد الكتابة عنه، أن اتناوله ببعض البساطة ولا ادعه يقودنا إلى مفهوم خاطئ مثلما كان يحدث معي. فعندما فكرت في معنى التكريس؟

أتى إلى ذهني مباشرة ما تعلمته وأنا صغير، أن التكريس هو التخصيص، وهنا ابتسمت وقلت نعم هو التخصيص ولكن ماذا بعد؟ أعلم أني يجب أن أكون مخصص لله واني مِلك له ويجب ألّا يسود عليّ سواه وان يكون هو الأول. ولكن كيف يحدث هذا عملياً وما هي طريقة قياسه؟والسؤال هنا:

من المُخصص لمن؟

الإجابة هي إنني أنا بجملة كياني من يجب أن أكون في حالة تخصيص كاملة لله خالقي وفادي، ولكن كيف يحدث هذا؟ وانا اعيش في عالم ساقط من حولي من ناحية، ولا زلت أصارع طبيعتي القديمة والقابعة داخلي من الناحية الاخرى، أي أنى أواجه عدوّان، أحدهم خارجي والآخر جاسوس خائن داخلي متمثل في جسد الخطية.

وكأني أنا الحارس على نفسي، وأني المسئول في جعلي في حالة ملكية لله وحده، مثل الجندي الذي يقضي ليلته ساهرا ليحرس مقر خدمته، دوره أن يمنع الغرباء من الدخول، وأن يحفظه في حالة تخصيص لمالكها.

وما يزيد الامر تعقيدًا اني انا ايضًا هو موضع الحراسة والتخصيص، الذي لا يجب أن أُمتلك لغير الله، فما عليّ أن أفعل؟ فأنا الحارس والمحروس في نفس الوقت، انا الحامي وانا مطمع الاستغلال؟

كما انني لست دائما على علم بمن يحاول التسلل، ولا متأكد من سلامة نيته.يخبرنا الرسول بولس في رسالته إلى فيلبي اصحاح 4 والآية 8 والتي تقول:

“أخيرا أيها الأخوة كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر كل ما هو مُسر، كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا”

فلم يُشر الرسول بولس هنا إلى المتطفلين الذين يرغبون في الدخول. بل يشير إلى طريقة اختبارهم بوضع مجموعة من البوابات التي يجب أن يعبر من خلالها الداخل. وباجتيازه لتلك البوابات يمكن اعتباره مصدر امان ولا يشكل وجوده تهديد.

فإن لجسدنا بوابة رئيسة هي الذهن، وفي أغلب المعارك الروحية من يملك الذهن يملك زمام المعركة، ولهذا يحثنا الرسول بولس على وضع هذه المجموعة من الفلاتر على ابواب اذهاننا، لحمايتها من دخول أي متسلل قد يأتي لزيارتي متنكر في صورة افكار تبدو مشروعة في بادئ الأمر، وكأن كل ما عليّ فعله هو أن أمرر كل فكرة تأتي الي ذهني على هذه الفلاتر وأتساءل،

هل ما يدخل في عقلي حق؟ هل هو جليل؟ هل هو مسر؟ هل صيته حسن؟

فإن اجتازها بدون اعتراض فهو مصدر ’مان، أو على الاقل أكون متأكداً أن ليس هناك فكر غريب يريد اختراق ذهني ويحتل جزءاً مما أنا وكيل عليه، وهذا هو أحد معاني التكريس.

فانضباط بوابة الذهن من خلال منع دخول الغير مرغوب فيهم والمتطفلين، يحفظ ذهني في حالة تخصيص لله، لأنه غالبا ما يبدأ السقوط بفكرة بريئة تسللت داخلي عبر بوابة الفكر في غفوة منى أو اهمالي وكسلي في فحصها واختبارها، في ضوؤ كلمة الله التي هي كمطرقة وكنار.

بقلم/ إيهاب عزت

إذا اعجبك المقال اشترك فى كورس كيف انمو فى حياتى مع المسيح