إن مكافأة المُكرَّس، سواء هنا على الأرض أو هناك في السماء، أعظم من أن توصف؛ فليس كل مُكرَّس سيُكرَّم في حياته وموته كالخادم الشهير وليم بوث مؤسس وقائد جيش الخلاص الذي يقال أنه ربح أكثر من 120 ألف نفس في حياته. لقد أكرمه الرب في حياته وكان يُعامَل معاملة الملوك ورؤساء الدول في البلاد التي يزورها. قابله الملك إدوارد السابع وإمبراطور اليابان وافتتح أحد مؤتمرات مجلس الشيوخ الأمريكي بالصلاة وتقابل مع رئيس أمريكا مقابلة رسمية. ومنحته جامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية. وعند رقاده وذهابه للمجد في 20/8/1912 حضر جنازته أكثر من 10000 من أعضاء جيش الخلاص الذين كان قد ربحهم للمسيح. كان مبدؤه منذ أن صار مسيحياً حقيقياً هو (إذا أردت أن تحتفظ بفرح الخلاص في نفسك قوياً كما كان، فعليك أن تسعى لربح الآخرين).
ولكني أقول بثقة شديدة أن كل مُكرَّس سيكرم جداً في السماء عند مجيء الرب، ويسمعه وهو يقول له: “نعماُ أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً في القليل فأقيمك علي الكثير أدخل إلي فرح سيدك.” (مت21:25). يجب أن نتأكد أن مكافأة التكريس ستكون هنا على الأرض وهناك في السماء. يسوع قال: “الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتا أو اخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو إمرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلى ولأجل الإنجيل إلا ويأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان وفى الدهر الآتي والحياة الأبدية.” (مر 10 :29 -30)، أي أن بنك التلمذة يقدم أرباحا 10000 % (100 ضعف)، هذا بالإضافة إلي الأكاليل والأمجاد في السماء.
ففي الأصحاح الذي يسبق شريعة النذير تأتي اللعنة نتيجة لخيانة الزوجة لزوجها التي ترمز لخيانة المسيحية لمسيحها: فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ. وَلَكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هَكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ (2كو2:11)، وتأتي البركة في نهاية الحديث عن النذير، فوجوده فرصة لتحويل اللعنة إلي بركة.
فالنذير ملك و له أكاليل، كما قال الرسول بولس أحد المكرسين الحقيقين في العهد الجديد، قرب نهاية حياته علي الأرض: فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيباً، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيراً قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضاً (2تي6:4-8)
في(مراثي4: 7) يصف النذير قائلا: كَانَ نُذُرُهَا أَنْقَى مِنَ الثَّلْجِ وَأَكْثَرَ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَجْسَامُهُمْ أَشَدَّ حُمْرَةً مِنَ الْمَرْجَانِ. جَرَزُهُمْ كَالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ.
أنقى من الثلج (طهارة) – أكثر بياضا من اللبن (الشبع والخير) – أجسامهم أشد حمرة من المرجان (القوة والصحة والمقام) – جرزهم (مظهرهم) كالياقوت الأزرق (فالنذير إنسان سماوي غالي كالأحجار الكريمة).
وقد رأينا كيف كان الكاهن المكرس بكبش الملء يأكل من التقدمات التي كُفِّر بها عنهم لملء أياديهم لتقديسهم، فالذين ملأوا أيديهم بالمسيح بعد تقديسهم يكون هو نفسه أيضا غذاءهم كخبز الله النازل من السماء (يو33:6) اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرٍّ حُلْوٌ (أم7:27)، أَمَّا أَنَا فَبِالْبِرِّ أَنْظُرُ وَجْهَكَ. أَشْبَعُ إِذَا اسْتَيْقَظْتُ بِشَبَهِكَ (مز15:17).
ثم رأينا كيف يكافأ الرب المؤمن الساكن دائما عند الصليب بأن يجعله دائما يتخلص من كل أرز الكبرياء وزوفا صغر النفس وقرمز العالم، وكيف كافأ الرب تكريس المجدلية فأظهر لها ذاته و صارت أول مبشرة بقيامته: “قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك و قالت له ربوني الذي تفسيره يا معلم قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد إلي أبي ولكن اذهبي إلي إخوتي وقولي لهم أني أصعد إلي أبي و أبيكم و إلهى وإلهكم.
فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قال لها هكذا” (يو16:20-18 ). “ظهر أولاً لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين” (مر10:16). وكيف كافأ الرب تكريس مريم أخت مرثا ولعازر: “فَقَالَ يَسُوعُ: “اتْرُكُوهَا. إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ.” (يو4:12-7). لقد دافع عنها و قال: اتركوها. و اهتم بسلامها وقال: لماذا تزعجوها. ثم مدح عملها إذ قال: عملت بي عملا حسنا. ووضح سر عملها: للتكفين حفظته. وأوضح أنه ما أحلى أن تعطي كل ما عندها: عملت ما عندها. وكافأها عندما أوصى: حينما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضا بما فعلته تذكاراً لها.
ورأينا كيف كافأ داود أبطاله ولم ينسَهم. وهكذا رب داود لن ينسى تكرييسك أنت أيضا. و رأينا كيف كافأ الرب تكريس واكتفاء برزلاي :أولاده صاروا في قصر الملك – كل أمانيه يحققها له الملك – تمتع بقبلات الملك – تمتع ببركة الملك – ذكره داود في آخر كلماته – أولاده صاروا دائماً علي مائدة الملك – زوج ابنته تسمي باسمه.
ورأينا كيف كافأ الرب أبانا إبراهيم المكرس الحقيقي: معرفة الله كيهوه يراه أي الرب المدبر (تك14:22) – البركة والنسل والوفير (تك15:22) – النصرة (عدد 17) – دُعِي خليل الله (يعقوب21:2-23).
ورأينا بركات اليوبيل ومكافأة التكريس، هنا على الأرض، حسب كرم الملك، كالمكتوب: وأعطى الملك سليمان لملكة سبأ كل مشتهاها الذي طلبت عدا ما أعطاها إياه حسب كرم الملك سليمان. فانصرفت وذهبت إلى أرضها هي وعبيدها (1ملوك10: 13). انظر (أستير1: 7و2: 18). ويسعدني أن أختم كلامي عن التكريس ومكافأته بأن أستعرض أمامك الأكاليل التي تنتظرنا، وبالطبع المكافأة ليست هي الدافع للتكريس ولكنها للتشجيع :
1. الإكليل العام: لكل مؤمن باعتباره ملكاً (رؤيا4:4).
2. إكليل البر: للجهاد (2تيموثاوس8:4).
3. إكليل الحياة: لاحتمال التجارب والاستشهاد (يعقوب12:1 ؛ رؤيا10:2).
4. إكليل المجد: للرعاة (بطرس4:5 ؛ أفسس11:4).
5. إكليل حفظ الكلمة: لحافظي الكلمة ومنتظري مجيء الرب ( رؤيا11:3).
6. إكليل السرور: لرابحي النفوس (1تسالونيكي19:2 ؛ فيليبي1:4).
7. الإكليل الذي لا يفنى: لمن يركض ويثابر وراء الرب (1كورنثوس 25:9).
مكافأة التكريس عظيمة حسب كرم الرب ملك الملوك و رب الأرباب، و لكنها ليست هي الدافع للتكريس، لكنها مشجعة لنا في طريق التكريس إلي مجيء الرب القريب.
لهذا أشكرك جدا لأجل حسناتك وعطاياك، هنا وفي السماء أيضاً. يا رب ثبت نظري عليك و شجعني إذ أتذكر ما قدمته لنا هنا على الأرض وما أعددته هناك في السماء. آمين.