كما سبق وذكرنا أن التكريس هو تخصيص وانفصال من أجل الله. وفيما يلي، نكمل كلامنا عن النذير..
1- بالرغم من كونه نذيراً: «فَهذِهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا أَصَابَتْهُمْ مِثَالاً، وَكُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا نَحْنُ الَّذِينَ انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ. إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ.» (1كو 10: 11، 12).
2- بغتة على فجأة: فقداسة الله تتطلب اليقظة. «اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.» (1 بط 5: 8)
3- ممكن أن يأتي السقوط من البيت: «وَإِذَا مَاتَ مَيِّتٌ عِنْدَهُ بَغْتَةً عَلى فَجْأَةٍ فَنَجَّسَ رَأْسَ انْتِذَارِهِ» ( عد 6: 9). فأعداء الإنسان أهل بيته (مت 10: 36). وسقطة إبراهيم الكبرى كانت عن طريق سارة امرأته (تك 16: 2)
4- يحلق شعره: صورة للاعتراف بالسقوط. «إِنِ اعترفنا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ. » (1 يو1: 9(
5- لا يحلقه عند باب خيمة الاجتماع : فالله لا يحب التشهير بسقوط المُكرس. (انظر أهمية استخدام الملاقط والمنافض في إزالة الرماد من المنارة (خر 25: 38). فالرب لا يريد نشر الرماد في القدس، والتشهير بسقوط القديسين. ليحفظنا الرب مما عمله حام ابن نوح فنال نسله اللعنة (تك 9: 21- 27).
6- يقرب ذبائح: ففي الصليب كفاية لنا حتى في سقوطنا: «إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا.» (1 يو 2: 1، 2)
7- يُسقط الأيام الأولى، ويبدأ من جديد:
أ- يجب أن يكون أكثر حرصًا كلما اقترب ميعاد نهاية التكريس. وبالنسبة لنا في العهد الجديد، سيتم ذلك بمجيء الرب. «هَذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ. فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ. فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ، وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ والسُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَالْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ والْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.» (رو 13: 11- 14)
ب- أيام السقوط أيام ضائعة: «فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ.» (أف 5: 15، 16)
ج- علينا أن نتوب ونبدأ من حيث سقطنا: «فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى» (رؤ 5:2). هذا ما حدث مع شمشون، أشهر نذير! «وَابْتَدَأَ شَعْرُ رَأْسِهِ يَنْبُتُ بَعْدَ أَنْ حُلِقَ» (قض16: 22).
1- يؤتى به إلى باب خيمة الاجتماع: الرب يكافئ النذير علانية «لأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ » (2كو 5: 10) انظر (مت 6: 4(.
2- يقرب للرب محرقة، وذبيحة خطية (خروف ونعجة، وليس فرخي حمام): صورة للإدراك الكامل لعمل المسيح. كبش ذبيحة سلامة، وقربان دقيق مع سكائبه: صورة للشكر والشركة مع الله. وبهذا يكون في شريعة النذير قد اكتملت كل الذبائح والقرابين. وهذا يعني أن التكريس لن يكون إلا على أساس إدراك ما عمله الرب في موته وحياته لأجلنا. «لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ.» (عب 10: 14(.
3- يحلق عند باب خيمة الاجتماع:«فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (مت 6: 18).
4- يضع شعر انتذاره على المذبح: أمر عجيب! فالنذير كأنه كاهن يقدم شعره على المذبح، ما أحلى هذا المشهد! «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ، أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ.» (رو 12: 1(
5- يشرب النذير خمرًا: صورة للأفراح والمكافآت السماوية التي سيتمتع بها كل مكرس للرب احتمل لأجله الصليب والعار. «إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، كُونُوا رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ.» (1كو 15: 58).
أ- وجود النذير فرصة للبركة: ففي الأصحاح الذي يسبق شريعة النذير جاءت اللعنة نتيجة لخيانة الزوجة لزوجها، وهي ترمز لخيانة المسيحية للمسيح (عريسها). ولكن تأتي البركة في نهاية الحديث عن النذير. والمقصود أن وجود نذير هو فرصة لتحويل اللعنة إلي بركة.
ب- كلمة نذير تعني تاج: فالنذير ملك وله أكاليل ومكافآت. قال الرسول بولس، أحد المكرسين الحقيقيين، قرب نهاية حياته: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا.» (2 تي 4: 6- 8)
الدرس في عبارة واحدة: في الأيام الأخيرة وخراب الشعب، تكون الحاجة ماسة إلي نذير مكرس للرب، يجلب الرب بواسطته البركة.
يا رب يسوع المسيح، يا من أنت النموذج الأعلى للنذير. لقد كنت في كل حين تعمل ما يرضي الآب. يا من صليت لأجلي قائلاً:«لأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقّ» (يو17: 19)
امتلكني بالكامل. فلأجلك أكون أنا أيضًا مُكرسًا كصدى متواضع لتكريسك. آمين.