في تباين غريب بين موقف الفريقان تجاه خبر الميلاد، أجدهما متشابهين في أنهما ليسا من اليهود، وأن الخبر جاءهما منقوص، فلم يظهر لهما ملاك كالآخرين. فالمجوس عرفوا من دراستهم للفلك والنجوم، معلومات ليست كاملة ولا مُفصلة، أما هيرودس فقد علم بخبر الميلاد من المجوس بشكل مفاجئ وسريع. المجوس اهتموا وسافروا وقطعوا الأميال، ربما استغرق الامر شهورًا، لم ييأسوا أو يكلّوا وهم في طريقهم. وربما لو كنت واحد منهم لقلتُ أننا نسير وراء سراب بسفرنا كل هذا الطريق، لكي نهنىء طفل يُقال أنه سيكون ملك. وهو ليس من بلدتنا ولن يكون ملك علينا، كما أننا لا نعرف اسمه ولا مكانه بالتحديد.

لكن من الواضح أن إيمانهم بالخبر كان أقوى من أى معطلات. فاستمروا منطلقين حتى وصلوا إلى قصر هيرودس يسألوه عن الملك المولود، وزاد الأمر تعقيداً عندما عَلِموا أنه لا يوجد طفل وُلِد ولا ملك قادم في القصر الملكي. ولكن الله لا يمكن أن يترك قلب يطلبه بعمق، ولا عقل يبحث عنه بجدّ إلا ويقوده، حتى إذا تطلب الأمر أن يرسل لهم نجم ليهديهم كما تخبرنا كلمة الله أن المجوس اهتدوا الى مكان الطفل يسوع سيرًا وراء نجم كان يتقدمهم، حتى وصل ووقف حيث كان الصبي يسوع، فدخلوا وسجدوا وفتحوا كنوزهم من ذهب ولبان ومر، التى ربما كانت تشير بروح النبوة لكونه ملك ونبي وكاهن، ولم يتركهم الله أن يرجعوا إلى هيرودس، بل أرشدهم بأن يعودوا إلى بلادهم دون العودة إليه، حسبما اتفق معهم.

أما هيرودس الإرهابي القاتل،الذى نُزِعت من قلبه ليس فقط الرحمة، بل الإنسانية كلها، فخوفاً على مكانته وكرسيه، أراد قتل الصبي يسوع، ولعدم معرفته مكان الطفل، بكل وحشية أمر بقتل جميع الأطفال من دون السنتين، متوقعاً أن الطفل يسوع سيكون ضمن هؤلاء الاطفال. ولم يعرف أن الأمر أكبر منه بكثير، فالله الآب قد أعد خطة أزلية لفداء البشر، ولا يمكن أن تفشل لوجود إنسان شرير مثله، فمشيئة الله ستثبت رغم كل محاولات الشرير المستميتة.

بقلم / إيهاب عزت

إذا اعجبك اشترك فى كل كيف انمو فى حياتى مع المسيح