ما رأيك في شخص يعيش في فقر وجوع يومي ورغم أن لديه مال كثير جداً إلا أنه يكتفي فقط بالنظر إليه والحديث عنه بينما يموت جوعاً؟!! يحتاج كل مؤمن لا للاحتفاظ بكلمة الله فقط، ولا الحديث عنها، إنما للشبع بها يوميا، يحتاج لتأملها، ودراستها لا كادائ واجب إنما ليعرف فكر الله ويطبق تعالميه فينمو ويختبر روعة الحياة كتلميذ حقيقي للمسيح.

فالكتاب المقدس هو دستور كل مسيحي يريد أن يصبح تلميذاً للمسيح (2تي3: 16 -17):  كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً، متأهباً لكل عمل صالح .
– لأنه يرشد وينير الطريق لكل مؤمن (مز119: 105): سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي
– لأن حفظه يقود لحياة ناجحة (يش1: 8): لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك, بل تلهج فيه نهارا وليلا, لتتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح.
– لأن حفظه يقودنا للانتصار على الخطية (مز119: 11): خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك.

ولكن ما الذي يفصلك ويحرمك من كلمة الله؟ شاهد وفكر!!

“ينبغي على كل شخص أن يقتنى الكتاب المقدس، سواء أكان كتابًا كبيرًا أو كتابًا صغيرًا للجيب، ورقي او نسخة الكترونية، كتاب لا يفارقه، بل يصحبه في كل مشوار، ولا نقصد باقتناء الكتاب ليكون تحفة في بيتك، أو تميمة في جيبك، إنما ليكون متاحا لك باستمرار للتعلم والنمو من كلمة الله في كل فرصة. إلا اننا لن نصل إلى صداقة الكتاب قبل أن نتذوقه فنحبه.”

يُشبَّه الكتاب المقدس:

بالسيف اللازم للنصرة الروحية (أف 6: 17)..
واللبن للنمو (بطرس الأولى 2: 2).. والغذاء الروحي لحديثي الايمان وللناضجين (عبرانين 5: 12، 14)..
والسراج الذي ينير طريق الحياة (مزمور 119: 105)..
والمرآة التي تكشف لنا حالتنا الحقيقي (يعقوب 23:1)..
وماء تنظيف وتطهير الحياة (أفسس 5: 26)..
وهي كالذهب النقي (مزمور 19: 10) ..
إنها كلمة الله، فهل انت راغب ومستعد للشبع من كلمة الله الحية المغيرة.

كيف نقرأ وندرس الكتاب المقدس؟

“اقرأ بروح الصلاة: ابدأ القراءة بالصلاة، طالبًا من الله أن يعطيك فهمًا، ويكشف لك مشيئته. وقل كما قال داود النبي في المزمور الكبير: ” اكشف يا رب عن عيني، لأرى عجائب من شريعتك” (مز 119). واختم القراءة بالصلاة، طالبًا من الرب أن يعطيك قوة للتنفيذ. وكما أعطاك فهمًا، يعطيك رغبة وإرادة. بل اصحب القراءة أيضًا بالصلاة، وكما يقول الكتاب: “وعلى فهمك لا تعتمد” (أم 3: 5). حاول بالصلاة أن تستلم رسالة الله إليك” (كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث – علاقتك بالكتاب المقدس)

1- ملاحظة: قراءة متأنية و فيها تستعين بالأسئلة: من المتكلم في النص ؟ ولمن ؟ ومتي ؟ وأين ؟ و ماذا يريد ؟ وما أسباب قوله ذلك؟
2- تفسير: هو الحصول على إجابات لتلك الأسئلة التي طرحتها في ملاحظتك؟ و يمكنك الاستعانة بالترجمات المختلفة للنص.
3- طبّق: صلّ: ماذا تريدنى يارب أن افعل … و حدد الوصية التى تحتاج أن تطبقها أو الخطية التى ينهى الكتاب عنها فقدم توبة, أو عمل يدعونا الكتاب ان نقوم به, أو وعد نتمسك به من كلمة إلهنا يكون سنداً و دافعاً للتقدم في حياتنا.

1- القراءة:

القراءة البسيطة تنقى الذهن “أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به (يو  15 :  3). اقرا ولو أصحاح يومياً، وأعد قراءته أكثر من مرة، وتابع القراءة حتي تنهي أجزاء محددة.
” إن قراءة الكتاب تكون أفيد إن كانت بمواظبة ومداومة. وبطريقة منتظمة، كل يوم، وذلك لكي تتشبع بروح الكتاب، ويثبت تأثيرها فيك، وتصبح قراءته عادة عندك. ويمكن أن تضع لنفسك أن تقرأ فقرات من الكتاب في كل صباح قبل أن تخرج من بيتك، لتكون مجالًا لتفكيرك وتأملاتك خلال اليوم، وتملأ ذهنك في مشيك وفي دخولك وخروجك. كما تقرأ أيضًا فصلًا آخر قبل النوم، لكي تفكر في هذه الآيات قبل النوم، فتصحبك حتى في أحلامك.” (كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث – علاقتك بالكتاب المقدس)

2- التأمل:

قف أمام آية أو فقرة و تأمل في معناها، عالماً أن النص مكتوب من أجلك أنت. ” إن كلمات الوحي الإلهي عبارة عن روح متجسد في ألفاظ.  وليس الجسد (أي اللفظ) هو الذي ينفعك، بل الروح الذي فيه هو الذي يُحيي (2 كو 3: 6).  لهذا قال السيد الرب: “الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة” (يو 6: 63). الكلمات هي مجرد غلاف، يغلف معاني داخلها، كالصَّدَفَة التي تحوي داخلها اللؤلؤ.  واللؤلؤ هو روح الكلمات.  لا تكتفِ بالصَّدَف، بل اكشفه وخُذ ما يحويه من لآلئ.  وهذا الأمر يحدث بتوسط الروح القدس، بالصلاة، إذ تقول مع المرتل: “اكشف يا رب عن عينيَّ، لأرى عجائب من ناموسك” (مز 199).  أو كما صلّى إليشع النبي عن تلميذه جيحزي، لكي يفتح الرب عينيَّ الغلام ليرى (2 مل 6: 17). التأمل إذن هو استنارة العقل بالروح القدس،لكي نفهم معاني الكتب المقدسة، ونتعمَّق فيها، وننزع القشرة الخارجية للوصول إلى اللُّب.  وهكذا يكون التأمل في الكتاب المقدس هو محاولة اكتشاف الأسرار الإلهية الموجودة في الوحي الإلهي.  أو كما قيل عن عمل السيد المسيح مع تلاميذه بعد القيامة: “حينئذٍ فتح ذهنهم، ليفهموا الكتب” (لو 24: 45). (كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث – التأمل في الكتاب المقدس)

3- الحفظ:

نقرأ آية ونرددها أكثر من مرة – اكتب آيات في كروت صغيرة وضعها في جيبك أو كتابك المقدس – أو أكتبها علي ورقة وعلقها بغرفتك ورددها كل يوم ..

4- الدراسة:

تدرب علي عملية الملاحظة والتفسير والتطبيق – ادرس شخصيات أو موضوعات – استخدم كتب معاونة مثل ترجمات مختلفة للنص, معجم الكلمات العثرة, قاموس الكتاب المقدس, دائرة المعارف الكتابية، أطلس الكتاب المقدس.

5- التطبيق:

بدون الإبهام، كل الأصابع لا تستطيع أن تمسك شيئاً بقوة- التطبيق و كلمة الله الحية فينا و المعاشة. “أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة و مقروءة من جميع الناس. ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي، لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية” (2كو3: 2, 3).
“علاقتك بالكتاب المقدس تتركز في نقاط رئيسية، أهمها: اقتناء الكتاب، اصطحابه، قراءته، فهمه، التأمل فيه، دراسته، حفظه، وفوق الكل: العمل به،والتدرب على وصاياه وتحويلها إلى حياة.” (كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث – علاقتك بالكتاب المقدس)

صلاة:-

أشكرك يا إلهى من أجل كلامك المحيي الذى جعلتنى عليه أتكل حقًا يا رب، بنورك نُعاين النور. نريد إذن نورًا من روحك القدوس، يُنير عقولنا وقلوبنا وأفهامنا، لكى افهم كلامك وأدرك ما يقوله الروح للكنائس. و أترنم به نهاراً وليلاً. لك المجد. آمين.

درب نفسك:-

اقرأ وادرس مزمور 119 (بتطبيق ما تعلمته من هذا الدرس) واحفظ أيات (عب4: 12) (2تي3: 16-17)