الكنيسة ليست مجرد البناء الذي نجتمع فيه للعبادة و التسبيح وممارسة الأسرار المقدسة،الكنيسة هي الرعاة و الخدام و هي الرعية و الشعب الذين يحبون الله من كل القلب، يجتمعون للشركة وكسر الخبزوالصلوات، وأيضاً ينطلقون برسالة المحبة والسلام خارج اسوار الكنيسة لتحقيق ارسالية المسيح في عالم مضطرب.

الكنيسة بدأت باثنى عشر تلميذاً للمسيح في أورشليم، وامتدت لكل الأمم تنفيذاً ل وصية ربنا يسوع العظمى للتلاميذ قبل صعوده:” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به.” (مت ٢٨: ١٩ – ٢٠). وهذه هي الرسالة العظمى للرسل، وللكنيسة جيلاً بعد جيل ..

” أنتم ملح الأرض. ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح.لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجاً ويداس من الناس. أنتم نور العالم… فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات.” (متى ٥: ١٣ – ١٦)

لماذا أهتم بخلاص الاخرين خارج الكنيسة؟

  • لأن هذا دورنا وواجبنا نحن ككنيسة وتلاميذ للمسيح.

إن مشاركة رسالة المسيح – البشرى السارة – ليست مهمة لمجموعة صغيرة مختارة من الرعاة والخدام، إنما دور كل تلاميذ المسيح في مختلف الأجيال. إنها مهمة كل قلب ذاق واختبر محبة الله ويهتم بخلاص إخوته. أعمال الرسل ٨: ٤ : “الذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة.” والكتاب لا يتحدث هنا عن الرسل بل عن “كل” المسيحيين. فإن كل شعب الله يحمل واجباً مقدساً للعمل من أجل إعلان تدبير الله لخلاص كل جنس البشر، في كل عصر، وفي كل أنحاء العالم.

ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: “أوجه حديثي للجميع بصفة عامة، كما لكل فرد على وجه الخصوص، ليهتم كل واحد بخلاص أقربائه. [يمكننا أن نعتبر كل مؤمن راعيًا لبيته وأصدقائه وخدمه وزوجته وأولاده. لأن هذا يعبر عن محبتنا لربنا يسوع المسيح”

الحب: إنه الدافع الأول لخدمة الكرازة. وقد اتضح هذا في حديث السيد المسيح له المجد مع سمعان بطرس عندما سأله ثلاث مرات: “يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟” قال له: “نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك” (يوحنا ٢١ : ١٥). فطلب منه الرب أن يرعى خرافه، وهذا أمر طبيعي أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بأي عمل بأمانة وإخلاص ما لم يكن له حب لهذا العمل، وقبل ذلك لصاحب العمل نفسه. (كتاب هل تخدمني أنا؟! – إدوارد سوريال عبد الملاك، الأقصر)

إن كنا ككنيسة لله نعلن محبتنا لله وللآخرين، فيجب أن تتعدى هذه المحبة العظات والمشاعر إلى الاهتمام والقيام بدورنا في إتاحة مزيد من الفرص – للجميع – لأن يعرفوا ويختبروا الحياة الأفضل مع المسيح على الأرض، ويرثوا الحياة الأبدية معه في السماء.

 

  • لأن الحاجة إلى واحد : ربنا يسوع المسيح

لأنه بالنعمة أتانا السيد المسيح. الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ( غلاطية ٢: ٢٠)
لأن كل محاولات وفلسفات البشر للتخلص من الخطية تبوء بالفشل، إذ لا طريق سوى ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي “ليس بأحد غيره الخلاص.لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص”. (أعمال الرسل ٤: ١٢)

لأن رغبة الله هي خلاص البشر من الخطية (لوقا ١٩: ١٠)، وبدون يسوع لن يختبر الإنسان هذا الخلاص (رومية ١٠: ٩).
وهذا ما اكتشفه القديس أغسطينوس والأنبا موسى الأسود؛ وجد كلاهما الغفران والخلاص والسلام عندما وجدا المسيح.

 

  • لأن هذه هي وصية ربنا يسوع المسيح

قبل صعود ربنا يسوع مباشرة في وصيته الأخيرة لتلاميذه قال: “دُفع إليَّ كل سلطان في السماء و علي الأرض . فاذهبوا و تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلي إنقضاء الدهر.”(مت ٢٨: ١٦).

 

  • لأننا إن لم نشارك من حولنا بطريق الخلاص فإن دمهم سيُطلب منا.

في سفر حزقيال ، يقول الرب : “إِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: يَا شِرِّيرُ مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ لَمْ تَتَكَلَّمْ لِتُحَذِّرَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ, فَذَلِكَ الشِّرِّيرُ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ, أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. وَإِنْ حَذَّرْتَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ لِيَرْجِعَ عَنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ طَرِيقِهِ, فَهُوَ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ خَلَّصْتَ نَفْسَكَ.” (حزقيال٣٣: ٨- ١٠)

 

  • لأن هذا دورنا وواجبنا كشعب المسيح وكنيسته

يناشدنا القديس يوحنا ذهبي الفم:- أتوسل إليكم عندما يحل الصبح ونخرج من بيوتنا ، فليكن لنا هدف واحد فوق كل الأهداف وهو أن نخلص من هم في خطر .. لست أقصد الخطر الذي تدركه الحواس، هذا ليس خطراً بالمرة، إنما أقصد خطر النفس… متى رأيت إنسانًا محتاجًا إلى شفاء روحي أو جسدي، فلا تقل في نفسك أن هذا من عمل فلان، هو ينقذه من شره ويشفيه، فأنا علماني لي زوجة وأولاد، هذا من عمل الكهنة والرهبان. ليكن لك هذا الاشتياق بالنسبة لإخوتك الساقطين، واضعًا في نفسك أنك قد وجدت كنزًا ثمينًا جدًا، هو اعتناؤك بأمر خلاص أخيك، هوذا الله نفسه يقول على فم رسوله أنك إن أنقذت إنسانًا من الضلالة تخلص نفسًا من الموت”.

ويقول القمص تادرس يعقوب ملطي:
ما لمسه القديس يوحنا الذهبي الفم في خبرته العملية، أن العلمانيين خلال الصداقة أقدر من الكاهن على الخدمة الروحية الفردية، وله في ذلك أقوال رائعة، منها.[لا تلقوا كل العبء على معلميكم، لا تلقوه بأكمله على من يقودكم… إن أردتم تستطيعون أن تعملوا فيما بينكم أكثر منا. فإن لديكم فرصًا أكثر للالتقاء معًا وتعرفون ظروف بعضكم أكثر منا، ولا تجهلون سقطات بعضكم بعضًا، لديكم أيضًا حرية أعظم في الحديث والحب والمودة، هذه الأمور ليست بقليلةٍ في التعليم… أنتم أقدر منا أن ينتهر الواحد الآخر وينصحه… لا تحتج بظروفك القاسية، فأنهم كانوا أيضًا في ظروف قاسية. لا تحتج بجهلك، فقد كانوا غير متعلمين. ربما تكون مريضًا، تيموثاوس كان هكذا… لا تقل أنك لا تستطيع أن تؤثر على الآخرين، فأنك ما دمت مسيحيًا يستحيل إلا أن تكون صاحب تأثير… فأن هذا هو جوهر المسيحي. إن قلت إنك مسيحي ولا تقدر أن تفعل شيئًا للآخرين يكون في قولك هذا تناقضًا، وذلك كالقول أن الشمس لا تقدر أن تهب ضوءًا.

 

صلاة:

أشكر صلاحك أيها الآب محب البشر، لأنك لم تشأ هلاكى. بل أيقظتنى من غفلتى، وهديتنى إلى طريقك، ورددتنى من وادى الهلاك إلى حصنك الأمين. فاملأنى بالرجاء والإيمان. يارب ساعدني لاكون نوراً وملحاً من أجل الآخرين ليعرفوك ايضاً وقدني لأكون شاهداً لك كارزاً بإنجيلك لخلاص النفوس امين.

 

تطبيق مقترح:

  • أكتب أسماء 8 أو 10 أشخاص مقربين، وصلِّ من أجلهم أن يعرفوا الرب يسوع المسيح مخلص نفوسنا ويتمتعوا بخلاصه والحياة معه. (فكر في أسرتك، أصدقائك وزملاء دراستك أو عملك…).
  • صلِّ طوال هذا الأسبوع لكل منهم بالاسم.