هل فكرت قبلاً أين يذهب عشرات الآلاف ممن يقدمون توبة حياة بعد العظات، والأنشطة الكرازية الواسعة؟! من يهتم بهم؟ كم من هؤلاء يلتصقون بالمسيح ويصبحون تلاميذاً للسيد المسيح، وكم منهم يبتلعه الجسد والعالم والشيطان؟ لاشك أن لك دور ما يمكنك القيام به هنا والان

كم من الناس قد قابلتهم في طريق الحياة، دفعهم الله إلى طريقك. هل قدّمت لأحد منهم كلمة روحية، أو أية كلمة منفعة، أو دفعة إلى قدام.” (قداسة البابا شنودة الثالث)
نعم، إن البشارة بالملكوت وتعريف الآخرين بطريق الخلاص هو أعظم عمل محبة للآخرين، لكنه أيضاً يعد ناقصاً بدون محبة ورعاية ومتابعة اولاد الله والمؤمين الجدد. فالمؤمن الجديد مثل الطفل حديث الولادة، إذا لم يجد رعاية منذ ولادته فإنه يمرض ويموت.

 

ما هي المتابعة؟

هي عمليةالاهتمام والعناية بمن بدأ رحلة الحياة مع المسيح، ومساعدته لتعلم المبادئ المسيحية الأساسية للنمو فى الروح ومعرفة الله.

يقول قداسة البابا شنودة الثالث: “الافتقاد هو لون من الرعاية والمتابعة، قال فيه القديس بولس الرسول: “لنرجع ونفتقد أخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم.” (أع 15: 36). الافتقاد يلزم كل من هو في مسئولية: الأسقف والكاهن يفتقدان الرعية. والخادم يفتقد تلاميذه. والأب يفتقد أولاده. وحتى المؤمن العادي يحتاج أن يجلس إلى نفسه، يفتقد حياته، إلى أين هو سائر؟ افتقادك لغيرك يعنى اهتمامك به، واطمئنانك عليه. لذلك، يوْجِد الافتقاد شعورًا عميقًا من الحب المتبادل. أنت تفتقد من تحبه. والذي تفتقده سيحبك لاهتمامك به وسؤالك عنه..”

 

ما أهمية المتابعة لمن بدأوا الحياة الجديدة مع الله ؟

1- يصعب على من بدءوا توبة حياة أن يستمروا فى الحياة الروحية والعلاقه مع الله إن لم يوجدوا متابعة و مساندة و تشجيع لهم خاصة في البداية. فكثيرون يتراجعون بسبب عدم وجود من يهتم بهم روحياً. ومن الأمثال الشهيرة ذلك المَثَلْ الذي سجَّله لنا القديس بلاديوس، والقائِل: “الذين بلا مُرشِد يسقطون كأوراق الشجر.”

2- إنها فترة هامة فى حياة الإنسان، تزداد فيها الحرب الروحية و مقاومة إبليس، و تحتاج لسند وعون ليستطيع الشخص الاستمرار فى طريق حياة التوبة، والثبات فى المسيح. فيقول الرسول بطرس: “وكأطفال مولودين الآن، اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به” (رسالة بطرس الرسول الاولى2: 2). فالتائب الحديث مثل الطفل، يحتاج الى من يعلمه المبادئ الأساسية للحياة المسيحية السليمة حتى ينمو و يستطيع ان يتناول الطعام القوي. ويقول معلمنا الرسول بولس فى هذا الأمر: ” إنَّكُمْ ¬إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ¬ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ” (الرسالة الى العبرانيين5: 12- 14).

3- كثير ممن يعلنون توبة يكونون في مرحلة تبكيت الروح القدس، ولم يختبروا بعد حياة التوبة، ولكي تكتمل التوبة المغّيّرة للحياة يحتاج هذا الشخص لفترة متابعة قد تكون هي التغيير الحقيقي.
“قيل عن القديس يوحنا ذهبى الفم إنه مربيًا حكيمًا، غيورًا غيرة متقدة للدخول بشعبه إلى حياة التوبة، مدركًا مقدار سلطان الشر المحيط بهم. وإذ تعثر كثيرون منهم في الملاهي والملاعب والأندية شعر بضعفهم، فترفق بهم في عظاته إلى أبعد الحدود. ما أن شعر بأن بعض أولاده قد بدأوا ينفذون ما أوصى به، أي يسلكون في طريق التوبة العملي، حتى أخذ يشجعهم معلنًا لهم أن ما قدموه له مكافأة عظيمة تستريح بها نفسه وسط كثرة أتعاب الخدمة ومشاق الرعية، قائلًا: بسبب هذا أنا أحتضنكم في قلبي على الدوام. ولهذا السبب أيضًا لا أعود أشعر بأتعاب التعليم، بل يصير الحمل سهلًا مادام المستمعون ينتفعون! مثل هذه العبارات إنما تعلن اقتداءه بسيده الذي قيل عنه: “فتيلة مدخنة لا يطفئ، وقصبة مرضوضة لا يقصف.” يعرف كيف يسند ويترفق بالضعفاء، متقبلًا كل محاولة للتوبة – مهما كانت المحاولة – بروح التشجيع والفرح! (القمص تادرس يعقوب ملطي)

4- إنها أكثر فترة يحتاج فيها المؤمن الجديد لرعاية، وخاصةً عندما يكون مولوداً ولادة ضعيفة، لوجود مشاكل نفسية في تركيبته الشخصية، أو لأن الرسالة لم تصل بوضوح بسبب ضعف التعليم، أو ضعف في فهم الحق. كما يحتاج الرعاية لشدة المقاومة الخارجية من العائلة و الأصدقاء أو الماضي، أو تشكيك إبليس له في خلاصه ومحبة الله.

5- احتياج الناس للمتابعة يختلف:فالبعض وُلد ولادة قوية، وعنده إدراك ورغبة عميقة للتعلق بالرب. والبعض وُلد ولادة ضعيفة، ويحتاج أكثر من غيره للعناية والاهتمام.
كما أن البعض وُلد وسط جماعة حية ومنتعشة، ولذلك يسهل عليه الثبات والنمو في معرفة الرب. والبعض وُلد في مجتمع بعيد تماماً عن المسيح وتعاليمه، وهذا يحتاج لعناية خاصة بصورة أكبر.

6- بدون وضع ثقة المؤمن الجديد في الله وكلمته، كأساس للإيمان والنمو (2تيمو 3 :16 ، 17): “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، 17 لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ”، سيعتمد المؤمن الجديد على الظروف الخارجية والأشخاص والأحداث، وهذا قد يعرّضه للانهيار الروحي.

7- لقد دعانا المسيح، لا إلى أن نخدم أو نكرز فقط، بل أن نتابع ونعلم ونتلمذ الآخرين (متى 28: 19 – 20): “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به.” فإن كنت قد اختبرت روعة الحياة مع المسيح، فأنت مدعو لا للكرازة فقط، إنما أيضا لمتابعة وبناء اولاد الله.

8- تتم التلمذة أساساً عن طريق تواصل شخصي. وكثيراً ما تكون المواقع البنائية والكتب والعظات مفيدة ومساعدة، ولكن الاحتياج الحقيقي هو لشخص يقف بجوار المؤمن الجديد بطريقة ما ويرشده (1تسالونيكى 2: 7).

9- بدون متابعة وتلمذة يستحيل عمل حركة روحية حقيقية في أي مكان أو لأي فئة من الناس، حيث تبدأ الحركة الروحية الحقيقية “بالكرازة” (تقديم رسالة المسيح)، ثم “المتابعة والتلمذة” للمؤمن الجديد ومساعدته ليصبح تلميذاً للمسيح، ثم “إرساله” هو أيضا ليكرز بالمسيح.

 

صلاة:

ربي يسوع.. أشكرك من أجل شرف دعوتك لي بأن أشارك في تتميم وصيتك العظمى. يارب افتح عيني وأرشدني لأكون سنداً لمن يحتاجون لبناء وتلمذة، وقدني أنت لمساعدتهم لكي يتتلمذوا لشخصك وليس لأي شخص آخر. آمين.

 

تطبيق:

فكر الآن (في اصدقاء الدراسة، عائلتك، معارف أونلاين، ..الخ) واكتب قائمة بمن قرروا يوماً إتباع ربنا يسوع ، ولكنهم ابتعدوا كثيراً عن حياة التوبة ربما بسبب عدم متابعتهم ..

صلً الآن لأجل كل منهم بالإسم.