لقد تم مناقشة الدعاوي الرئيسية التي تستخدم كمبررات للمسيحيين لكي يعيشوا في غنى هذا العالم حيث يعم الفقر المدقع. ويتضح لنا أمام هذا التناقض الساخر ضعف الدعاوي المقدمة امام الاجزاء العديدة في الكتاب المقدس والتي تحذرنا من مخاطر الغنى “الرجل الأمين كثير البركات، والمستعجل الى الغنى لا يبرأ…ذو العين الشريرة يعجل الى الغنى، ولا يعلم أن الفقر يأتيه ” (امثال20:28-22)  للاشتراك فى كورس التلمذة ؟.

الله والمال

إن السعي وراء الثروات المادية لهو هدف لا يليق بأولئك الذين خلقهم الله على صورته ومثاله . “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ، لأنه إما ان يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر، لا تقدرون ان تخدموا الله والمال”(متى24:6).

يبرزان هنا كسيدين تتعارض مصالحهما بشكل كبير يستحيل معه خدمتهما معاً. فهو بمثابة الضربة المميتة أمام رغبتنا في ان نعيش لاجل عالمين. أن نكون اغنياء الان ولاحقاً، ان نتمتع بالثروة على الأرض ونُكافيء عنها في السماء. لقد اوضح الرب يسوع بأنه لا يمكننا الحصول عليهما معاً.

اتساءل إن كنا نأخذ كلمات الرب يسوع على محمل الجد. فالرب يسوع لم يقل أنه من الصعب على الغني أن يدخل ملكوت الله. بل قال أن ذلك مستحيل بشريا

عهد النعمة

إنه من الملائم لنا ما دمنا نعيش في عهد النعمة أن نبيع مقتنياتنا الثمينة مثل: “مجوهراتنا، الرسومات الاصلية، أثاثنا الثمين، فضتنا اللامعة. ووضع الحصيلة لخلاص النفوس في ارجاء المعمورة. أين هي قلوبنا؟ هل هي في خزينتنا البنكية أم في السماء؟ “لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا” “فلما سمع يسوع ذلك قال له يعوزك أيضا شيء بع كل مالك ووزع على الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني، فلما سمع ذلك حزن لأنه كان غنيا جدا” .(لوقا22:18-23).

يقال لنا عادة أن الشاب الغني هو حالة خاصة وأن وصية الرب بأن نبيع كل ما لنا لا تقصد الجميع. ولكننا إن أمعنا النظر سنجد أن هذه الوصية لا تختلف فعليا عن الوصية المزكورة في انجيل لوقا33:12-34.

حدّد الرسول بولس أولئك الذين يشتهون المال أنهم يطعنون أنفسهم بأوجاع كثيرة. فما هي الاوجاع التي اشار إليها الرسول؟

الأول

هو ما ثبت أنه يرافق الغنى، “وَفرْ الغنى لا يريحه حتى لا ينام” (جامعة12:5). فبدلا من أن يجلب الغنى الامان كما هو مفروض، إلا أن الواقع هو العكس – خوف دائم من السرقة، التضخم أو هبوط حاد في سوق البورصة.

والثاني

 هو الأسى عند رؤية ابن احدهم مفسدا روحيا ” من وفرة الأمور المادية. قلة من أبناء المؤمنين الأغنياء يسيرون في طريق الرب. ثم المرارة التي نشعر بها عندما تخذلنا الثروة في وقت الحاجة الماسة لها. الرجل الغني لا يمكنه معرفة كم من الاصدقاء لديه. ويبدو هذا مناقضا لقول الكتاب “ايضا من قريبه يُبْغض الفقير، ومحبو الغني كثيرون” (امثال20:14) ولكن هل هؤلاء اصدقاء حقيقيون- أم يدعون ذلك لأسبابهم الأنانية؟ والثروة حتما لا تشبع القلب ولكنها تولّد جوعا مستمرا للمزيد منها (جامعة8:2، 8:4، 10:5).

وأخيرا

فالغنى له انعكاس سلبي على الشخصية، مثل الغرور (امثال11:28)، والقسوة (امثال23:18؛ يعقوب5:2-7)، فمثلاً، يذكرنا هنري ماثيو: بأن الكلمة العبرية للغنى تعني “للثقل”، فالثروة عبء- عبء عند جنيها وعبء في الحفاظ عليها- وفيها عبئ الوقوع في تجربة- وعبء الحزن والأسى.

وصية هامة

“أوصٍ الاغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا، ولا يلقوا رجائهم على غير يقينية الغنى، بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع. وأن يصنعوا صلاحا، وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة، وأن يكونوا أسخياء في العطاء، كرماء في التوزيع، مُدخرين لأنفسهم اساسا حسنا للمستقبل، لكي يمسكوا بالحياة الأبدية”. (1تيموثاوس17:6-19).

الاعداد الماضي ذكرها “توصي الأغنياء…” ومع هذه كم من خدام الرب ينفذون هذه المأمورية، كم منا تحدّى الأغنياء بهذه الوصايا؟ لعل معظمنا لم يسمع عظة عن الأعداد الكتابية الماضية، ومع هذا فلم نكن في اي وقت من الاوقات الماضية احوج لهذه الوصية من الآن.

وصية الله

حتى نعلّم هذه الوصايا علينا أن نحياها اولا، فإن كنا نحياها بالعيان لا بالإيمان، فلا نقدر أن نوصي الآخرين بأن لا يكنزوا لهم كنوزا على الأرض، لأن حياتنا تسدّ أفواهنا.

كتب س. هـ. ماكنتوش “الحياة الحقيقية الوحيدة التي نحياها هي التي نحياها في ضوء الأبدية. أن نضع كل ما نملك لمجد الرب وعيوننا على الكنوز الأبدية. هذه هي الحياة الأفضل”

كانت هذه رسالة الرب الختامية للكنائس ورسالته القاطعة لكنيسة اللاودكيين. لا تحتاج رسالته الى تفسير فنحن ندرك معناها ونعلم أن لها تطبيقا محددا في حياتنا، وانما تحتاج الى الطاعة.

تحذير من الكسل

هناك دائما خطورة أن يُستخدم هذا الفصل كمبرر للكسل، فقد يقرأه أحد الكارهين لعمله فيقول هذا ما اؤمن به. حسنا ليس هذه الرسالة موجهة للكسالى أو الذين يعتقدون أن على العالم (أو الكنيسة) أن تؤّمن لهم معيشتهم.

لكن عند الله رسالة أخرى لهؤلاء: “إنهض من فراشك وإذهب للعمل”.(راجع تسالونيكي6:3-12). هذه الرسالة موجهه الى الجادّين والمنتجين والعاملين باجتهاد. هؤلاء الذين يجتهدون لتسديد الاحتياجات اليومية لعائلاتهم. أؤلئك إن اعطوا الأولوية للرب في حياتهم واهتموا بما هو لله يمكنهم الأعتماد على الله لتسديد احتياجهم في المستقبل.

المصدر:http://www.kalimatalhayat.com