يظن بعض الخُدَّام أنَّهم لمَّا أصبحوا خُدامًا إنتهى بالنسبة إليهم عصر التلمذة وهذا فهم خاطئ. إنما لكي تحتفظ بتواضعك إحتفظ بإستمرار بتلمذتك.كل المسيحيين في العصر الرسولى كانوا يُدْعَون تلاميذًا والسيد الرب لمَّا أرسل الاحد عشر للكرازة قال لهم “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم” (مت19:28) وفي انتشار الكرازة قيل “وكانت كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا” (أع7:6).نشجعك للاشتراك فى كورس كيف انمو من هنا
إذن اسْتَمِرْ تلميذًا للرب وتلميذًا للكنيسة ولا يكبر قلبك.
وإن شعرت أنَّك صرت مُعَلِّمًا وأصبحت فوق مستوى التلمذة اعرف جيدًا أنَّك بدأت تسقط في الكبرياء.
وإنْ عشت في حياة التلمذة ستتخلص من مشاكل كثيرة:
ستتخلص أولًا من روح الجدل وكثرة المناقشات (المقاوحة) وتكون مستعدًا أنْ تتقبل الرأى الآخر بروح طيبة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). لأنَّ الذين يدخل فيهم روح الجدل يُسْلِمَهم إلى روح العناد وتصلب الرأى ويظنون أنَّهم يفهمون أكثر من الكبار. بل وقد يظنون أنَّهم هم الكبار.
احتفظ إذن بطفولتك الروحية حسب قول الرب:
“إنْ لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات” (مت3:18)..
أمثلة لقديسين عاشوا تلاميذ:
يشوع ظلَّ تلميذًا لموسى طول حياته إلى أنْ رقد موسى في الرب وأليشع ظلَّ تلميذًا لإيليا إلى أنْ صعد إلى السماء، فوَدَّعَهُ بعبارة يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها (2مل12:2) والقديس أثناسيوس الرسولى مع أنَّه كان بابا الإسكندرية احتفظ بتلمذته للقديس أنطونيوس الكبير ولما كتب سيرته قال “وأنا نفسى صببت ماء على يديه” أي كان يخدمه.
ما أصعب أنَّ خادمًا يقرأ كتابًا أو كتابيْن فيتكبر على مُعلِّميه.
ويتكبر أيضًا على آبائه الكهنة ويفرض مشيئته على أب اعترافه فإما أنْ يوافق الأب على رأيه أو يعصاه!! وهكذا يصير حكيمًا في عينىْ نفسه الامر الذي نهانا عنه الكتاب فقال “لا تكن حكيمًا في عينىْ نفسك وعلى فهمك لا تعتمد” (أم7، 5:3) عش إذن تلميذًا متواضعًا.
والْتَمِسْ المعرفة من كل مصادرها:
تتلمذ على أب اعترافك وعلى آباء الكنيسة وعلى الاجتماعات الروحية وتتلمذ على الطبيعة على زنابق الحقل وطيور السماء وتتلمذ على الكتب الموثوق بها ولا تظن مهما كبرت أنَّك قد ارتفعت عن مستوى التعليم.
إنَّ تاريخ الكنيسة يُسجل لنا قصصًا عجيبة عن اتضاع القديسين في التلمذة.
تصوروا واحدًا من الآباء الكبار مثل القديس موسى الأسود يطلب كلمة منفعة من الصبى زكريا فلما يستحى الفتى منه قائلًا: “أنت عمود البرية وتطلب منِّى كلمة؟!” يجيبه القديس “صدقنى يا ابنى لقد عرفت من الروح الذي عليك أنَّ عندك كلمة أنا محتاج أنْ أعرفها”..!
قداسة البابا شنودة الثالث
من كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
اضف تعليقًا
يجب logged in لكي تضيف ردا.