كل عام وانتم بخير بمناسبة عيد الغطاس المجيد ( الظهور الالهى )
ونحن نحتفل بعيد الغطاس يظهر امامنا شخصية عظيمة خادم نارى هو يوحنا المعمدان تلقبة الكنيسة بالسابق الصابغ
الشهيد فهو سبق السيد المسيح ومهد الطريق امامة وكان يعمد بمعمودية الماء ايضا استشهد من اجل الحق على يد هيرودس
ملامح شخصية يوحنا المعمدان الخادم النارى :
( لوقا 1 : 14 -17 ) نجد فى كلام الملاك جبرائيل الى زكريا الكاهن بعض صفات يوحنا المعمدان«وكثيرون سيفرحون بولادته»
كل نبي وُلد ليتنبأ، ولكن يوحنا وُلد ليضع يده على المسيَّا نفسه ويُسلِّمه النبوَّةبكل روحها ويشاهد الروح نازلاً عليه وتنفتح عيناه
ويراه ابناً لله.لمَّا رأت عينا زكريا مولوده يوحنا نطق معبِّراً عن الفرحة والابتهاج التي تنبأ بها له الملاك فقال:
» وأنت أيها الصبي نبي العلي تُدعى لأنك تتقدَّم أمام وجه الرب لتعدّ طرقه «(لو 76:1).
لم تكن فرحة زكريا لأنه صار له ابنٌ، بل لأن الله اختاره ليكون أباً لنبي يُعِد طريق المسيَّا .لأَنـَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْراً
وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِىءُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ».عبَّر عنه المسيح بأقوى تعبير. فمن أوصاف المسيح التي أعطاها
للمعمدان والتي تكشف عن مدى إعجابه بشخصيته قوله:
ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا؟ أقصبةً تحركها الريح؟بل ماذا خرجتم لتنظروا؟ أإنساناً لابساً ثياباً
ناعمة؟…بل ماذا خرجتم لتنظروا؟ أنبياً؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي!لأني أقول لكم: إنه بين
المولودين من النساء ليس نبيٌّ أعظم من يوحنا المعمدان. «(لو 7: 24-28)
وواضح من وصف الرب أن يوحنا كان ذا شخصية قوية وبأسٍ، وكان متقشِّفاً ناسكاً فقيراً نذيراً للرب يطيل شعره قانونياً (عد
5:6)،وإنه تنبأ عن قرب ملكوت الله كما رآه بالعيان، وافتتح الطريق إليه ومهَّده بتعليمه وصراخه.إذ لم يُسْمَع عن كل شخصيات
العهد القديم جميعاً من استطاع أن يقول للفريسيين والصدوقيين الذين جاءوا ليعتمدوا منه:
» يا أولاد الأفاعي مَنْ أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي «(مت 7:3).
ولم يَقُمْ نبيٌّ استطاع أن يوبِّخ ملكاً في وجهه وأن يقول له لا يَحِلُّ لك!! كما فعل يوحنا المعمدان.وكونه لم يشرب خمراً ولم يَذُقْ
مُسكراً فهو لأنه نذر نفسه لله وكرَّس حياته لخدمته منذ فجر شبابه،فإنه عوض الخمر يقول الملاك إنه يمتلئ من الروح القدس
وهو في بطن أمه.فقد حدث ذلك بالفعل لمَّا دخلت مريم القديسة وهي حامل بالرب في بطنه وأعطت السلام لأليصابات، فأصاب
السلام الجنين في بطنها أيضاً وهو المعمدان.«وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إلَى الرَّبِّ إِلَهِهِمْ».«يرد كثيرين من بني
إسرائيل»
يُعتبر يوحنا مجدِّداً أخلاقياً وهو ما أشار إليه ملاخي النبي:
ها أنا أُرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف، فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلاَّ آتي وأضرب الأرض بلعنٍ (مل 4: 5و6)،
ومعروف أن هذا كان عمل إيليا النبي سابقاً. وعمل يوحنا يشبه عمل إيليا بالنسبة ليهوه الرب الإله وسط
الشعب،أي أن نفس فكروعمل إيليا يكون ليوحنا المعمدان، وبالتالي وحتماً روح إيليا وقوته قد أُعطيت له من الله
في ذلك الزمان،بمعنى أن يوحنا المعمدانهو بالضرورة إيليا عائداً من وراء السماء.
شخصية يوحنا المعمدان أنها ذات طابع ملائكي فعلاً كما نص عليها ملاخي النبي أيضاً في نبوَّته:
» ها أنا أُرسل ملاكي فيهييء الطريق أمامي ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه (المسيَّا) «(مل 1:3)،
يوحنا المعمدان فلم يُرسَل خصوصًا للأتقياء بل إلى الأمة المتمردة كلها ليدعوهم للتوبة لأجل مغفرة
خطاياهم،ولكنه آتى إليهم كأنهُ من الخارج وحالتهُ الموحَشة في البرية أشبهت حالتهم روحيًا تمامًا إذ لم يكن
فيهم شيء مُسرُّ مُرضِ لله،غير أن نعمتهُ المطلقة تقدر ان تُفرح البرية والأرض اليابسة وتجعل القفر يُبهج يُزهر
كالنرجس على أنها تُنشئ التوبة في الشعب استعدادًا لذلك.كما هو مكتوب في سفر أقوال إشعياء النبي القائل:
صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب اصنعوا سبلهُ مستقيمة.
فالمقبل إليهم ليس إلا يهوه إله إسرائيل نفسهُ، وإن كان نبي العلي يقدم عليهم من الخارج فالعلي نفسهُ
مقبلاً ويعبر عن ذلك بقولهِ.كل وادٍ يمتلئ وكل جبل وأكمة ينخفض وتصير المعوجات مستقيمة والشعاب طرقًا
سهلة.فهكذا كانت حالة إسرائيل وقتئذ وهكذا هي حالتنا جميعًا حسب الطبيعة ولكن الذي قصد ان يقدم علينا
ليباركنا هو قادر أيضًا ان يهيأ لنفسهِ طريقًا،ويبصر كل بشر خلاص الله.
خدمة يوحنا الجهارية:
ربما استمرَّت خدمته نحو ستة أشهر فالوحي لا يعطينا تاريخها بالتفصيل بل يقتصرعلى مضمون كرازتهِ وفعلها
في البعض. هذا كالقسم الأول من خدمتهِ، وأما القسم الثاني فهو شهادتهُ الخصوصية لذات المسيح كمن هو
أقوى منهُ، فلما أزداد التأثير من كرازتهِ أخذ الشعب يظنون، ربما يكون يوحنا مسيحهم نفسهُ. فصارت مُتناسبة
للخادم أن يعظم شأن سيدهِ، وللمرسل أن يشهد للذي أرسلهُ. لاحظ أن شهادتهُ هنا هي مثل ما ورد في مَتَّى
(إصحاح 3) وهى من اعظم صفاتة التواضع وانكار الذات .
وهيرودس بلغ الذروة في قباحاته كلها التي اقترفها بأنه سجن النبي المنادي بالحق للتوبة،فكانت خاتمة حزينة
للغاية لا تتناسب مع رجاء الشعب ولهفته في الاستمرار في كشف تدبير الله الحادث بقوة،بل وكانت خاتمة
مقبضة لنفسية المعمدان العظيم الذي كان يعتبر نفسه القوي الآتي بعده مَنْ هو أقوى منه، بمعنى أنه كان
يشعر أنه يستمد قوته من الآتي بعده ليعدَّ له بقوة الروح وبأس إيليا ما يتحتَّم أن يكون بداية صالحة في طريق
الآتي من فوق. وبعدها استشهدنجد يوحنا المعمدان شخصية قوية محورية مليئة بالقيم والصفات اللازمة لكل
من يكرز ويخدم باسم المسيح واهمها القوة وعدم الخوف كذلك التواضع نصلى ان نتعلم ونعيش كما ينبغى
لانجيل المسيح ويهيئنا ويعدنا كيوحنا المعمدان
فسير القديس لوقا الانجيلى للاب متى المسكين ووليم بنكرتن
الكاتب / كيرلس مجدى
اضف تعليقًا
يجب logged in لكي تضيف ردا.