نحتفل الأحد القادم بعيد من الأعياد السيدية الكبرى هو عيد حلول الروح القدس، وهو عيد تأسيس
الكنيسة المسيحية ويسمى عيد الخمسين لأنه يأتي بعد القيامة بخمسين يوماً،أو عيد العنصرة،
وهى كلمة عبرية معناها الاجتماع، وتعنى أيضا الامتناع لأنهم يمتنعون عن العمل فى هذا اليوم أو عيد
البنتيكستي (الخمسين باللغة اليونانية).إن أصل وضع هذا العيد فى الكنيسة يرجع إلى الرسل
أنفسهم، وتدل شهادات الكتاب وأقوال الآباء والتاريخ على أن الرسل وضعوه واحتفلوا به.
إن الرسول بولس، بعد أن مكث فى أفسس أياماً،ودع المؤمنين وأسرع بالذهاب إلى أورشليم
قائلاً لهم: “على كل حال ينبغى أن أعمل العيد القادم فى أورشليم” (اع 18: 31)..
وكاتب الاعمال قال إنهم لما جاءوا إلى ميليتس عزم بولس أن يتجاوز إلى أفسس فى البحر لئلا
يعرض له أن يصرف وقتا فى آسيا لأنه كان يسرع حتى إذا أمكنه يكون فى أورشليم فى يوم
الخمسين (أع 20: 16).ثم أنه لما كان فى آسيا وعد مؤمني كورنثوس بالحضور عندهم بعد أن
يعيد عيد العنصرة (1 كو 16: 7، 8).
تعريف الروح القدس:-
الروح القدس هو “روح الله القدوس” (أف 4: 30) ؛ (2 كو 3: 3).
هو “روح الله” (تك 1: 2) (رو 15: 19) (1 كو 12: 3).
بل الروح القدس هو الله، لأن “الله روح” (يو 4: 24)
يقول القديس باسيليوس:-
الروح القدس جوهر إلهى عاقل لا حدود لمقدرته، لا نهاية لعظمته، فوق الإحساس الزمني
وغير خاضع للدهور..واهب لخيراته الخصوصية.. كل الخليقة تتجه نحوه فى عوز وفقر شديد
لتقديسه..كل الخلائق التى تتنفس الحق هى تابعة له بالضرورة وملتحقة به، ينعشها بالإلهام،
ويقودها برفق حتى يبلغها غايتها الكاملة.هو المتقن لكل الأشياء والساكب الحياة على العالم..
فى جوهره بسيط، فى طاقته متعدد ومتنوع!هو القوة التى تقيم الحياة..وهو الذى بواسطته اقتبل
الإنسان حالةالتبنى وتحول من الموت إلى عدم الموت.لاهوته:-
هذا المعزِّى، روح الله، حل على التلاميذ فى يوم الخمسين (أع 2: 1 – 4).
إنه روح الله، وهو “روح ابنه” (غل 4: 6) ” روح المسيح ” (1 بط 1: 11).
هو “روح الرب” (إش 11: 2).. “روح السيد الرب” (إش 61: 1).
وهو “روح الحق” (يو 14: 17). قال عنه السيد المسيح: “روح الحق الذى منعند الآب ينبثق” (يو 15: 26).
وقال أيضاً: “متى جاء ذاك، روح الحق، فهويرشدكم إلى جميع الحق” (يو 16: 13).
ويثبت لاهوت الروح القدس أنه فى الثالوث القدوس.
إنه واحد مع الآب والابن، وفى ذلك يقول السيد الرب لرسله القديسين: “تلمذوا جميع الأمم،
وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس” (أع 28: 19). ونلاحظ هنا أنه يقول “باسم” وليس
بأسماء. ويثبت لاهوته أيضا أنه المحيي، ومعطي الحياة.ولذلك يُسمى “روح الحياة” (رو 8: 2).
وقد ورد فى سفر حزقيال النبى أنه هو الذى يحيي الموتى (حز 37: 9، 10).
الروح القدس هو أقنوم الحياة.. هو مصدر الحياة فى العالم كله، سواء الحياة بمعنى الوجود،
أو البقاء، أو الحياة مع الله. ويصفه قانون الإيمان بأنه “الرب المحيي”.ويثبت لاهوت الروح القدس
أنه مصدر الوحى.وقانون الإيمان يصف الروح القدس بأنه “الناطق فى الأنبياء”.
صفات الروح القدس اللاهوتية:-
الروح القدس اشترك مع الآب والابن فى عملية الخلق:
“ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض” (مز 104: 30).
وقد ذكر الكتاب المقدس صفات إلهية له، منها الأزلية:
“فكم بالحرى دم المسيح، الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب” (عب 9: 14).ومن الصفات الإلهية
للروح القدس، وجوده فى كل مكان:قال داود النبى للسيد الرب الإله: “أين أذهب من روحك؟! ومن
وجهك أين أهرب؟!إن صعدت إلى السموات فأنت هناك، وإن فرشت فى الهاوية فها أنت” (مز 139: 7).
ومن الدلائلعلى وجوده فى كل مكان عمله فينا.ومما يثبت لاهوته أيضا، أنه عالم بكل شيء.
يقول القديس بولس: “.. لأن الروح يفحص كل شىء حتى أعماق الله” (1 كو 2: 11).
الروح القدس قادر على كل شىء:من صفات الروح فى نبوءة إشعياء أنه “روح القوة” (أش 11: 2).
أقنومه،إن ما ورد عن الروح القدس فى الكتاب المقدس، يدل أنه شخص، فهو يتكلم:
“لأن لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم” (مت 10: 20).
وهو يعلِّم، ويذكر، ويرشد، ويخبر، ويبكت: يقول الرب لتلاميذه: “يعلمكم كل شىء، ويذكركم
بكل ما قلته لكم” (يو 14: 26).وهو يقود المؤمنين جماعات وأفراداً: يقول الرسول: “لأن الذين
ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله” (رو 8: 14).وهو يقيم الرعاة: قال القديس بولس لأساقفة أفسس:
“احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس عليها أساقفة” (أع 20: 28).
والروح القدس يعزِّى المؤمنين ويشفع فيهم:يقول السيد الرب: “وأنا أطلب من الآب، فيعطيكم معزيا
آخر ليمكث معكم إلى الأبد” (يو 15: 26).كذلك أيضاً، ورد فعل يعزى بصيغة الأمر فى العهد القديم،
فى افتتاحية الجزء الثانى من سفر إشعياء، هكذا: “عزوا عزوا شعبي”.هذه النبوة بالذات كان لها
رنين روحي عجيب فى قلوب الأنبياء، وقد امتد صدى رنينها حتى سمعان الشيخ: “وكان رجل فى
أورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل” (لو 2: 25).
اذا كنت تريد معرفة المسيح وبداية جديدة معه اشجعك للاشتراك معنا في كورس كيف انمو
رموز الروح القدس:-
رموز الروح القدس خمسة، هي: الحمامة، الماء، النار، الزيت، الريح العاصف، الحمامة.
قيل عن يوحنا المعمدان إنه: “رأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه” (مت 3: 16).
الماء: يرمز الماء إلى الروح فى أنه سبب الحياة، والله ذاته شبه نفسه بينبوع الماء الحى.
والرمز واضح جدا وصريح فى قول الرب:
“من آمن بى – كما قال الكتاب – تجرى من بطنه أنهار ماء حى. قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطى بعد” (يو 7: 38، 39)
الزيت:رمز الزيت إلى الروح القدس واضح من سر المسحة المقدسة، أو سر الميرون. ما هو الزيت
فى مثل العذارى العشر؟العذارى الجاهلات لم يكن معهن زيت فى آنيتهن، إشارة إلى أنهن لم
يحتفظن بعمل الروح القدس فيهن..النار: في يوم البنتيكستي حل الروح القدس على التلاميذ
كألسنة كأنها من نار (أع 2: 3).
الريح: الكلمة اليونانية “إبنفما” تعنى الريح والروح فى نفس الوقت.. وقد قيل عن حلول الروح القدس
فى يوم الخمسين:”وصار بغتة من السماء صوت كما من ريح عاصفة، وملأ كل البيت.. وظهرت لهم
ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم.. وامتلأ الجميع من الروح
القدس” (أع 2: 2- 4).
(من كتاب: الروح القدس بين الميلاد الجديد والتجديد المستمرللقمص: تادرس يعقوب الملطى).
اضف تعليقًا
يجب logged in لكي تضيف ردا.