هذا التمثال الجميل الذي نراه هو شاهد قبر لطفل صغير اسمه ماثيو ستانفورد روبنسون،وهو قد وُلِدَ في عام 1988 بولاية يوتاه
بالولايات المتحدة الأمريكية،وتوفى عام 1999 عن عمر يناهز 11 سنة ونصف.ماثيو حياته كانت قصيرة، لكن مليئة بالعبَر والمشاعر
الجميلة. فهو قد وُلِدَ بتعقيدات طبية خطيرة،وتوقع الأطباء له أن يعيش عدة ساعات فقط. لكن، برعاية والديه وأسرته، اجتاز
مرحلة الخطر،لكنه لم يعش سليماً، فقد كان عاجزاً عن الحركة ويحتاج للعناية اليومية المستمرة، وقد شارك في ذلك والداه
وأخوتهوجداه وأصدقاءالأسرة ورغم عجزه. كانت روحه مليئة بالفرح والسلام، وهو نفسه كان سبب فرحة وسرور لكثيرين ممن
تعاملوا معه أو رأوه.
وحين حان وقت رحيله، كان مؤثراً جداً موت ذاك الذي لم يكن مكتوباً له أن يعيش. ورغم حزن والده إنريك، إلا أنه كان يشعر
بالفرحة من أجلولده، وبالرجاء والثقة في أنه سيراه ثانية، وأنه الآن في حضن الآب.لكن الأهم من كل ذلك أن والده ” إنريك”
يقول:- “إن ماثيو الآن يجري ويلعب ويلهو بكل طريقة في السماء “فقد تحلَّل من رُبطِهِ الأرضية “. لذلك صنع والده هذا التمثال
كشاهد لقبره.ماثيو كانرسالة من السماء ليرى المحيطون به كم هو جميل أن نعيش، ليس لأنفسنا، لكن لمساعدة آخرين أيضاً.
كم هو جميل أن يكون لنا رجاء في الحياة الأخرى، ويقين أننا سنرى أحباءنا وقد تحرروا من أمراضهم وأوجاعهم وكل تشوهاتهم
الجسدية، لكن الأكثر جمالاً هو كيف نعيش ونحن على ثقة أننا نحن أيضاً سنكون في السماء، وأننا مقبولون من الله الآب نفسه
رغم كل ضعفاتنا وشرورنا.
هل نستطيع نحن أيضاً أن نكون مثل والد ماثيو “وَتَطْمَئِنُّ لأَنَّهُ يُوجَدُرَجَاءٌ” (أيوب 11: 18)؟ وما هو هذا الرجاء:
هو رجاء الحياة الأبدية: أن من يؤمن به ينالها. لكن كيف نثق في هذا الكلام ومن قاله؟” عَلَى رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي وَعَدَ بِهَا
اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ” (تيطس 1: 2).
ماثيو لم ترفضه أسرته بسبب حالته، بالعكس،لقد أحبته أكثر من أي طفل طبيعي، ونال عناية أكثر من أي طفل طبيعي،
وهذا هو الفرق بين الطبيعة الإنسانية ومملكة الحيوان، فالإنسان يهتم بالضعيف في الأسرة، فالأم تعطي ابنها الذي يعاني
من مشاكل جسدية اهتماماً وحناناً أكثر من باقي إخوته،بينما في مملكة الحيوان – التي دائماً البقاء فيها للأقوى ولا مكان
للضعيف – فإنه عندما يولد حيوان ضعيف أو به عيب، تتخلصمنه والدته على الفور وتتركه لقدره لأنه،
- سيكون عائقاً لها في الانتقال مع إخوته، وسيقلل من قدرتها على الاهتمام بهم وتأمين الحماية اللازمة لهم في عالم لا
يعرف الرحمة أو الشفقة.
- أنه هو نفسه حتى لو نجا فلن يستطيع البقاء في هذا العالم القاسي لأنه سيكون عاجزاً أضعف من الكل وأضعف من
أن يدافع عن نفسه أو يؤمن طعامه.
لذلك يقول عنا الرب: ” فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!” (متى 7 : 11).
- فإن كنا كبشر نهتم بالضعيف ونحيطه بالرعاية والاهتمام أكثر من غيره، أفلا يفعل ذلك أبونا السماوي؟
- ألا يهتم بنا في حالات ضعفنا أكثر من أي وقت؟
إنه لا يمكن أن يرفضنا بسبب ضعفنا أوعجزنا على التخلص من خطايانا، بل بالعكس، هو يقبلنا رغم ذلك، ولديه الرغبة
أن يحوطنا بالرعاية والحنان. فلا يجب أن نشك في أننا مقبولون لديه في أي حال، وبالأخص في أوقات ضعفنا.
بقلم / وفاء ادوارد
اضف تعليقًا
يجب logged in لكي تضيف ردا.