هل ألقى سيفًا

للرد على كلمات السيد “لا تظنوا إنى جئت لألقى سلاماً على الأرض ما جئت لألقى سلاماً بل سيفاً” (مت 10: 34)

أولاً: رسالة المسيح هى رسالة السلام:

  • لأنه رئيس السلام (إش9: 6) في النبوات عنه.
  • في ميلاده رنمت الملائكة “المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة” (لو2: 14).
  • تحدث في عظاته “سلاماً أترك لكم سلامى أعطيكم، ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب” (يو14: 27).
  • نادى بالسلام بين الناس: “طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون” (متى5).
  • قال لنازفة الدم بعد أن شفاها: “يا ابنة إيمانك قد شفاك اذهبى بسلام وكونى صحيحة من دائك” (مر5: 34).
  • كان يحيى تلاميذه بعد القيامة حين دخل إلى عليتهم “سلام لكم” (لو24: 36).

وهناك الكثير من الآيات التى تؤكد أن رسالة المسيح هى رسالة السلام.

  • حين قال: “ما جئت لألقى سلاماً بل سيفاً” (مت10: 34).. كان يسوع يعلم أن رسالة البشارة

والكرازة بالإنجيل الكامل أن يسوع مات من أجل خطايانا وقام لأجل تبريرنا”،ستسبب متاعب لتلاميذه

الذين سيحملون هذه الرسالة إلى العالم.. لهذا كان يؤهل تلاميذه للمتاعب والمصاعب التى ستواجههم

.. بل والسيف الذى ينتظرهم من جراء شهادتهم..وهذا ما حدث بالفعل مع يعقوب “فقتل يعقوب أخا

يوحنا بحد السيف” (أع12: 2).. فهو يخبرهم بالسيفالذى لخلاص من خلال رسالة الحب المعلن

لنا في صليب وفداء يسوع المسيح.. فكيف يقدم رسالة

الحب من خلال السيوف؟

  •  قال المفسر الجليل الدكتور وليم آدى: “السيف هنا كناية عن الحرب.. ولم يكن المسيح يحارب

العالم أو الإنسان لأنه من أتى بالحب للإنسان..لكنه أتى ليحارب الشيطان وكل أعماله، لهذا يدعونا

أن نحارب الحرب الروحية “إن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم

على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات” (أف6: 11).

  • كما أن أسلحة الحرب التى نعيشها ضد قوات إبليس ليست سيفًا جسديًا مثل أهل العالم لكنها

أسلحة روحية ومنها سيف يدعى “سيف الروح الذى هو كلمة الله” (أف6: 17).ويقول أيضًا الرسول بولس

في هذا الصدد: “إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون” (2كو10: 4)،

فلم يستخدم المسيح سلاحًا..بل لم تستخدم الكنيسة في كرازتها أسلحة.. بل أعظم سلاح هو كلمة

الله ورسالة الحب. هذا هو السيف الذى ألقاه المسيح في عالمنا.

هل حرض المسيح على اقتناء السيوف:

“من ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفاً” (لو22: 36)يقول المفسر الجليل “جون ماك آرثر”: حين أرسلهم

يسوع قبلاً كان قد أمن لهم حاجاتهم منخلال سيادته الكاملة على الكون أو من خلال اتباعه ومحبيه

المنتشرين في كل بلاد اليهودية والجليل.أما بعد موته وقيامته وصعوده إلى السماء،فعليهم أن يستخدموا

الوسائل العادية لأجل تأمين حاجتهموحمايتهم، فالكيس والمزود والسيف هى تعابير مجازية لمثل

هذه الحاجيات.لم يكن حمل السيف للعدوانية والهجوم لكنه للحماية والدفاع عن النفس.. وكانت

هذه الأدوات وحملها أمرًا مألوفًا في أيامهم لاستخدامها في أغراض كثيرة.. لكنها أيضًا للدفاع..

ولإرهاب وتخويف اللصوص الذين قد يعترضون طريقهم في السفر. وأيضًا لمواجهة وحوش البرية

والحيات التى قد تقابلهم،فيحتاجون إلى السيف لمواجهتها.

إن أحوال التلاميذ تغيرت بعد موت المسيح، ففى حياة المسيح كان السفر لزمن قصير مسافات

قصيرة وبين المستعدين لاستقبالهم..لكن بعد القيامة والصعود كان عليهم أن يسافروا أسفارًا طويلة

لمسافات طويلة ليحملوا بشرى الخلاص لكل الأمم وللغرباء وحتى للأعداء..ولهذا دعاهم لأن يرتبوا

حاجتهم من النقود ومن السيف أيضًا للحماية… وكونه يدعوهم لبيع الثوب وشراء السيف كناية عن

الخطرالكبير المحدق بهم ولا بد عليهم أن يرتبوا أمورهم لحماية أنفسهم ودفع الخطر عنهم.

لم يحمل أحد من تلاميذ المسيح سيوفًا بل قاوموا أعداءهم بالصلوات والتسبيح والكرازة..

وهذه الأسلحة أقوى من كل الأسلحة.:

وأخيرًا: قال التلاميذ للرب يسوع: “هوذا سيفان فقال لهم يكفى” (لو22: 38).وهذا لا يعنى أن سيفين

يكفيان للحرب.. بل كان يقصد أنه يكفى الحديث في هذا الأمر،فالمقصود ليس السيف المادى بل

السيف الروحى الذى يواجهون به أعداءهم الحقيقيين وهم قوات إبليس الشريرة، لهذا يكفى الحديث

في هذا الموضوع”.فلم يقدم رسالته بالسيف بل بالحب، فانتصر وستظل رسالة المسيح لكل المسكونة

تنتشر بالحب..

وهكذا علمنا: “وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى إن كان لكم حب بعضاً لبعض” (يو13: 34، 35).

اذا كنت تريد الاطلاع علي الجزء الاول من هذا المقال يمكنك ذلك من خلال هذا الرابط

بقلم/د. إيهاب البرت